شرح نص من حكم الجاهليين محور الشعر الجاهلي تحليل شرح نصوص ثانية ثانوي يندرج ضمن المحور الاول
من كتاب النصوص عيون الأدب لغة عربية تحضير وتحليل قصيدة من حكم الجاهليين للشاعر زهير ابن سلمى
شرح قصيدة من حكم الجاهليين لزهير ابن سلمى
نص من حكم الجاهليين مع الشرح والتحليل والاجابة عن الاسئلة
تقديم القصدة:
تُقدّم معلقة زهير بن أبي سلمى رؤية أخلاقية متماسكة عن الحياة في المجتمع القبلي، حيث يُبنى الإيلاف على المصانعة والكرم وصون العرض. يتناول الشاعر وسائل درء النزاع خارج القبيلة، كالدفاع عن الحقوق والحذر من الظلم، مؤكدًا أن السلم لا يتحقق دون قوة. ويختم بحكمة الفتوة الحق، التي لا تُقاس بالقوة أو السن، بل بالحلم، والصدق، واحترام الذات.
الموضوع:
تتناول القصيدة بناء السلم القبلي عبر قيم المصانعة والكرم، ودرء النزاع بالقوة، وتحديد الفتوة الحقة بالحلم والكرامة.
التقسيم:
تقسيم القصيدة بالاعتماد على التفريعات الثلاثة، :
1 تحصيل الإيلاف داخل الإطار القبلي:
- البيت 3: المصانعة لتجنب الأذى داخل الجماعة
- البيت 4: حفظ العرض عند فعل المعروف
- البيت 5: أهمية الكرم داخل القبيلة
2 درء النزاع والخلاف خارج الإطار القبلي:
- البيت 6: لا مفر من الموت مهما تحصّن الإنسان
- البيت 8: من يرفض القتال يُجبر عليه
- البيت 9: الدفاع عن الحقوق ضرورة
- البيت 10: الحذر في العلاقات الخارجية
3 بيان مفهوم الفتوة الحق:
- البيت 11: الأخلاق لا تُخفى
- البيت 12: الصمت لا يعني الحكمة دائمًا
- البيت 13: جوهر الإنسان في لسانه وفؤاده
- البيت 14: الفتوة الحقة هي القابلية للنضج
فكك
– بنيت القصيدة على كيفية تحصيل الإيلاف داخل الإطار القبلي وأشكال درء النزاع والخلاف خارجه ثم بيان مفهوم الفتوة الحق، قطع القصيدة مستأنسا بهذه التفريعات.
تقطيع القصيدة وفق التفريعات الثلاثة ، مع توضيح كيف يخدم كل مقطع هذه الرؤية
أولًا: تحصيل الإيلاف داخل الإطار القبلي
يتجلى هذا في الأبيات التي تدعو إلى التوازن، الحذر، والمجاملة داخل الجماعة، وهي قيم تحفظ التماسك وتمنع التصدع:
- ومن لا يصانع في أمور كثيرة … يُضرس بأنياب ويوطأ منسمه → دعوة للمصانعة والمراوغة السياسية داخل القبيلة لتجنب الصدام.
- ومن يجعل المعروف من دون عرضه … يقره ومن لا يتق الشتم يشتم → ضرورة حفظ العرض والكرامة عند فعل الخير، لأن المعروف بلا حذر قد يُستغل.
- ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله … يُستغنَ عنه ويذمم → الحث على الكرم داخل الجماعة، فالبخل يؤدي إلى العزلة والذم.
ثانيًا: درء النزاع والخلاف خارج الإطار القبلي
هنا تظهر فلسفة زهير في التعامل مع الآخر، حيث يوازن بين الحذر والردع، ويؤمن أن من لا يدفع الظلم يُظلم:
- ومن لم يدُد عن حوضه بسلاحه … يُهدم، ومن لا يظلم الناس يُظلم → تأكيد على ضرورة الدفاع عن النفس والحقوق، حتى لا يكون الإنسان عرضة للظلم.
- ومن يعص أطراف الرماح فإنه … يطيع العوالي ركبت كل لهدم → من يرفض القتال حين يجب، سيُجبر عليه لاحقًا في ظروف أسوأ.
- ومن يعترب يحسب عدوًا صديقه … ومن لم يكرم نفسه لم يُكرم → الحذر من سوء التقدير في العلاقات الخارجية، وضرورة احترام الذات.
ثالثًا: بيان مفهوم الفتوة الحق
زهير يميز بين الفتوة الحقة المبنية على الحلم والكرامة، وبين الزيف الذي قد يصاحب الشيخوخة أو الجهل:
- وإن سفاهة الشيخ لا حلم بعدها … وإن الفتى بعد السفاهة يحلم → الفتوة الحق هي القابلية للنضج، لا مجرد القوة أو السن.
- لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده … فلم يبق إلا صورة اللحم والدم → الإنسان يُقاس بعقله ولسانه، لا بجسده.
- ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على الناس تُعلم → الأخلاق الحقيقية لا تُخفى، فهي تظهر مهما حاول صاحبها إخفاءها.
حلل
1- كيف تكشف الحكم التي تضمنها النص عن نظام القيم وأنماط العلاقات بين الجاهليين؟
تكشف الحكم الواردة في معلقة زهير بن أبي سلمى عن نظام قيم متماسك لدى الجاهليين، يقوم على:
- الكرامة والردع: الفرد مطالب بالدفاع عن نفسه وحيّزه، وإلا عُدّ ضعيفًا يُستباح (البيت 9).
- المصانعة والاتزان: العلاقات داخل القبيلة تُدار بالحذر والمجاملة لتفادي النزاع (البيت 3).
- الكرم والفضل: البخل يُفضي إلى الذم والعزلة، بينما يُعد الكرم أساسًا للقبول الاجتماعي (البيت 5).
- الفتوة الحقة: لا تُقاس بالقوة فقط، بل بالحلم والنضج واحترام الذات (البيتان 13 و14).
- القدر والموت: الإيمان بأن المصير محتوم، والموت لا يُدفع بالحذر (البيت 6).
هذه القيم تُظهر مجتمعًا قبليًا يوازن بين القوة والاتزان، ويُعلي من شأن الأخلاق في بناء العلاقات.
2 – صنف هذه الحكم حسب الحالات ( السلم والحرب) ثم حسب الحقول ( الطبائع، السلوك، الصفات، المواقف)
تصنيف حكم زهير بن أبي سلمى وفق الحالتين (السلم والحرب)، ثم حسب الحقول الدلالية (الطبائع، السلوك، الصفات، المواقف):
أولًا: حسب الحالات
| الحالة | أرقام الأبيات | المضمون العام |
| السلم | 3، 4، 5، 7، 10، 11، 12، 13، 14 | تنظيم العلاقات داخل الجماعة، حفظ الكرامة، ضبط الأخلاق، الحذر في التعامل |
| الحرب | 6، 8، 9 | مواجهة الموت، الدفاع عن النفس، الردع بالقوة |
ثانيًا: حسب الحقول الدلالية
| الحقل | أرقام الأبيات | المضمون العام |
| الطبائع | 2، 6، 11 | نظرة فلسفية للقدر، الموت، وانكشاف الأخلاق |
| السلوك | 3، 4، 7، 9 | المصانعة، الاتقاء، وضع المعروف في أهله، الدفاع عن الحوض |
| الصفات | 5، 13، 14 | الكرم، جوهر الإنسان، الحلم والسفه |
| المواقف | 8، 10، 12 | القتال، احترام الذات، الصمت والتكلم |
3 – من أهداف النص الاحتجاج لبعض القواعد في سياسة الذات وسياسة الآخر، فما معالم هذه السياسة وما جدواها ؟
معالم سياسة الذات وسياسة الآخر في معلقة زهير بن أبي سلمى تتجلى في بناء منظومة أخلاقية تحكم علاقة الفرد بنفسه وبالآخرين، وتُحتج بها لتقنين السلوك في بيئة قبلية مضطربة. ويمكن تلخيصها كالتالي:
معالم سياسة الذات:
- التحكم في السلوك والانفعالات: كالحلم وضبط اللسان (البيتان 13 و14).
- احترام الذات وصون الكرامة: من لم يُكرم نفسه لم يُكرم (البيت 10).
- التحلي بالحكمة والتوازن: المصانعة والاتزان في المواقف (البيت 3).
- الصدق الأخلاقي: الأخلاق لا تُخفى مهما حاول صاحبها إخفاءها (البيت 11).
معالم سياسة الآخر:
- الحذر في العلاقات: سوء التقدير يؤدي إلى اعتبار العدو صديقًا (البيت 10).
- وضع المعروف في أهله: وإلا انقلب الحمد إلى ذم (البيت 7).
- الردع والدفاع: من لا يدفع الظلم يُظلم (البيت 9).
- الكرم كوسيلة للتأثير: البخل يُفضي إلى الذم والعزلة (البيت 5).
الجدوى الأخلاقية والاجتماعية:
- تحقيق الإيلاف والسلم الداخلي عبر ضبط النفس والمجاملة.
- درء النزاع الخارجي من خلال الردع والحذر.
- ترسيخ الفتوة الحق كقيمة تربوية تقوم على الحلم لا العنف.
- بناء نظام قيمي يُحتج به لتقنين السلوك وتوجيه العلاقات في مجتمع لا تحكمه مؤسسات.
4 – شاعت في النص تراكيب تلازمية، تبينها واذكر مدى مناسبتها لمعنى الحكمة.
تراكيب تلازمية بارزة:
| التركيب التلازمي | البيت | دلالته الحكيمة |
| سئمت تكاليف الحياة | 1 | تلازم التعب مع طول الحياة، يعكس فلسفة الملل من التكرار |
| خبط عشواء | 2 | تلازم العشوائية مع الموت، يؤكد غياب المنطق في المصير |
| يُضرس بأنياب ويوطأ منسمه | 3 | تلازم الأذى الجسدي مع غياب الحذر، يحذر من تجاهل المصانعة |
| من لا يتق الشتم يُشتم | 4 | تلازم السب مع غياب الاتقاء، دعوة للوعي باللسان |
| من لم يدُد عن حوضه يُهدم | 9 | تلازم الدفاع مع البقاء، يؤكد ضرورة حماية الذات |
| لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده | 13 | تلازم اللسان والفؤاد في تكوين الإنسان، حكمة في تعريف الهوية |
مدى مناسبتها لمعنى الحكمة:
- الوضوح التركيبي: التراكيب التلازمية تُبنى غالبًا على شرط وجواب، مما يُضفي طابعًا منطقيًا يُناسب بناء الحكمة.
- الربط السببي: تُظهر العلاقة بين السبب والنتيجة، مما يُرسّخ القاعدة الأخلاقية أو الاجتماعية.
- الإيقاع البلاغي: التكرار والتوازي يُعززان حضور المعنى في الذهن، ويُسهّلان حفظ الحكمة وتداولها.
قوم
سعى الشاعر إلى الخروج من ربق التجارب الفردية الخاصة إلى أفق المعايير العامة، فهل تراه أفلح في ذلك؟
نعم، أفلح زهير بن أبي سلمى في تجاوز التجربة الفردية إلى أفق المعايير العامة، إذ حوّل تأملاته الشخصية في الحياة والموت والكرامة إلى قواعد سلوكية وقيم اجتماعية تصلح أن تُحتج بها في السياق القبلي العام.
فهو لا يتحدث عن ذاته فقط، بل يُنظّر لسلوك الإنسان في الحرب والسلم، ويُرسّخ مفاهيم مثل:
- الفتوة الحق المبنية على الحلم لا العنف
- الكرم والمصانعة كوسيلتين للإيلاف
- الدفاع والردع كشرط للنجاة من الظلم
وبذلك، تحوّلت قصيدته إلى مرجعية أخلاقية تُعلّم وتُقنن، لا مجرد تعبير وجداني.
توسع
قطع البيت التالي تقطيعا عروضيا مستخرجا ما طرأ عليه من تغييرات.
ستمت تكاليف الحياة ومن يعش … ثمانين حولاً – لا أبا لك يسأم
البيت من بحر الطويل، وتفعيلاته الأصلية هي:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
نبدأ بالتقطيع العروضي:
الشطر الأول:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
سئمتْ / تكا / ليفَ / لحيا / ةَ ومن / يعشْ = فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعيلن
التقطيع سليم، ولا تغييرات جوهرية.
الشطر الثاني:
ثمانين حولاً – لا أبا لك – يسأم
ثما / نينَ / حو / لًا لا / أبا / لكَ يسْ / أمْ = فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعيلن
التقطيع سليم أيضًا، لكن طرأ عليه زحاف وقطع:
- “لا أبا لك”: فيها زحاف الخبن في “أبا” (تحولت إلى “بَا”) لتناسب الوزن.
- “يسأم”: أُسكن آخرها لتستقيم عروضيًا، وهو قطع في الحرف الأخير.
– استأنس بقصيدة زهير بن أبي سلمى لاستخلاص الأوامر والنواهي التي جاء بها، ثم بين مدى ملاءمتها المفهوم المنظومة القيمية
في معلقة زهير بن أبي سلمى، تتجلّى الأوامر والنواهي في صيغة حكم تُرشد السلوك وتُقنّن العلاقات، وهي ليست أوامر مباشرة بل توجيهات ضمنية تُعبّر عن منظومة قيمية متماسكة. إليك أبرزها:
الأوامر الضمنية (ما يُحثّ عليه):
- المصانعة والحذر في التعامل: “ومن لا يصانع في أمور كثيرة…”
- اتقاء الشتم وصون العرض: “ومن لا يتق الشتم يُشتم”
- الدفاع عن النفس والحيّز: “ومن لم يدُد عن حوضه بسلاحه يُهدم”
- الكرم وعدم البخل بالفضل: “ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله…”
- احترام الذات: “ومن لم يُكرم نفسه لم يُكرم”
- الحلم بعد السفاهة: “وإن الفتى بعد السفاهة يحلم”
النواهي الضمنية (ما يُنهى عنه):
- وضع المعروف في غير أهله: “ومن يجعل المعروف في غير أهله…”
- الاعتداء أو سوء التقدير في العلاقات: “ومن يعترب يحسب عدوًا صديقه”
- السفه في الكِبر: “وإن سفاهة الشيخ لا حلم بعدها”
- الصمت المضلل أو الكلام غير المحسوب: “وكائن ترى من صامت لك معجب…”
ملاءمتها للمنظومة القيمية:
- الانسجام مع قيم الجاهليين: كالكرامة، الحذر، الشجاعة، والكرم.
- قابلة للتعميم: لا ترتبط بتجربة فردية بل تُنظّر لسلوك جماعي.
- تؤسس لسياسة أخلاقية: تُنظّم علاقة الذات بالآخر، وتُوازن بين القوة والحكمة.
- تُرسّخ الفتوة الحق: لا تُختزل في القوة، بل تُبنى على الحلم وضبط النفس.





