Press "Enter" to skip to content

شرح نص الكساحة – محور الفكاهة والهزل في القص العربي القديم

شرح نص الكساحة محور الفكاهة والهزل في القص العربي القديم تحليل شرح نصوص ثالثة ثانوي تحضير نص الكساحة 3 ثانوي مع الاجابة على جميع الأسئلة حجج
شرح وتحليل نص الكساحة الجاحظ من كتاب النصوص علامات شعب علمية تندرج ضمن المحور الاول سنة ثالثة ثانوي تعليم تونس شرح نص الكساحة المحور الاول

التقديم

 النص المقدم هو مقطع من كتاب “البخلاء” للجاحظ، وهو نص نثري فكاهي يمتاز بالسجع (وهو توافق نهايات الجمل). يتناول النص قصة أبو سعيد، رجل بخيل يحرص على الاستفادة القصوى من كل ما يجمعه من القمامة. يعتبر الجاحظ أحد أعظم الأدباء العرب في العصر العباسي، وقد ولد في البصرة سنة 159 هـ (776 م) وتوفي سنة 255 هـ (868 م).

الموضوع:

 يُسلط الجاحظ الضوء على طابع الفكاهة في مبالغة أبو سعيد في تصريف القمامة وحرصه المبالغ فيه، مما يعكس نقده الاجتماعي للفردانية البخيلة وتطبيقات الاقتصاد المفرط.

التقسيم:

مقاطع النص: حسب معيار المضمون
المقطع الأول: من البداية إلى “من أصحاب البراذع” العنوان: جمع القمامة وفحصها
المقطع الثاني: من “وكذلك قطع الأكسية” إلى “ولا يغتسلوا إلا عليه” العنوان: طرق تصريف أنواع القمامة المختلفة
المقطع الثالث: من “فإذا ابتل” إلى نهاية النص العنوان: حكمة أبو سعيد في الاقتصاد واستعادة المسروقات

الشرح والتحليل والاجابة عن الاسئلة

لنتفهم معا

1. فكك النص بمعيار فني أو مضموني تختاره مبرزا تماسك مكوناته.

تفكيك نص “الكساحة” وفق المعيار المضموني، مبرزًا تماسكه من خلال تصوير البخل كنظام اقتصادي متكامل:

الفكرة المركزية:

البخل لا يُقدَّم كعيب فردي، بل كمنهج حياة عقلاني يُوظّف كل شيء، حتى النفايات، لتحقيق الربح.

مراحل التماسك المضموني:

  • (1–2): المنع من إخراج الكساحة يفتتح النص بفكرة السيطرة على الموارد، حتى القمامة.
  • (3–5): تفتيش الزبيل يكشف عن طقس يومي يُعامل فيه الزبيل كمنجم محتمل للثروات.
  • (6–13): تفصيل موارد الكساحة يُظهر عقلية تصنيفية دقيقة، حيث يُوجَّه كل نوع من الفضلات إلى سوقه المناسب.
  • (14–15): الاقتصاد في الماء يُوظَّف ماء الوضوء والغسل لصنع اللبن، مما يُعمّق صورة البخل كمنهج شامل.
  • (16–19): استرجاع المسروق عبر التراب يُبرز ذكاء البخيل في استغلال حتى التراب لاستعادة المال، ويأخذ عليه “كراء الكناسة”.
  • (20): الخاتمة التوثيقية تُغلق النص بتأكيد أن ما قُدِّم هو “حديث”، مما يُضفي واقعية ساخرة.

التماسك العام:

  • وحدة الشخصية (أبو سعيد)
  • وحدة الفكرة (البخل كاقتصاد)
  • تسلسل منطقي للأحداث
  • تكرار بنائي في التصنيف (السطر 6–13)

النص يُقدِّم البخل كفن إدارة الموارد، لا مجرد حرص، ويُظهر كيف تتحول الفضلات إلى أدوات إنتاج في عقل البخيل.

2 عين مواطن الفكاهة في سلوك أبي . سعيد وتبين الوسائل الموظفة لتحقيقها.

مواطن الفكاهة في سلوك أبي سعيد في نص “الكساحة” من البخلاء للجاحظ تتجلى في تصويره للبخل كفنٍّ دقيق يُمارس بصرامة وابتكار، مما يثير الضحك والسخرية. إليك أبرز المواطن والوسائل:

مواطن الفكاهة:

  1. تحويل القمامة إلى كنز (السطر 1–5) أبو سعيد لا يكتفي بجمع الكساحة، بل يُفتشها بحثًا عن الدراهم والحلي، وكأنها منجم ذهب.
  2. التصنيف التجاري للنفايات (السطر 6–13) كل نوع من الفضلات يُوجَّه إلى سوقه: قشور الرمان للدباغين، نوى التمر للحشوف…
  3. استخدام ماء الوضوء والغسل لصنع اللبن (السطر 14–15) بدلًا من الماء النظيف، يُستعمل الماء المستعمل، في مشهد يجمع بين الطرافة والغرابة.
  4. استرجاع المسروق عبر التراب (السطر 16–19) يقترح طرح التراب لعل السارق يعيد المسروق، ثم يأخذ “كراء الكناسة” على ذلك!

الوسائل الموظفة لتحقيق الفكاهة:

  • المفارقة: بين ما يُتوقَّع من الكساحة وما يُستخرج منها.
  • التضخيم: تصوير البخل وكأنه علم دقيق ومنهج اقتصادي.
  • التكرار البنائي: “وما كان من…” يُضفي إيقاعًا ساخرًا.
  • التهكم الضمني: الجاحظ لا يهاجم، بل يترك السلوك يتكلم عن نفسه.
  • الواقعية الساخرة: تقديم الأحداث وكأنها طبيعية، مما يُعزز الطرافة.

الفكاهة هنا ليست سطحية، بل تُعبّر عن نقد اجتماعي عميق لسلوك البخل حين يتحول إلى منظومة عقلانية تُخالف الفطرة.

3 ما هي ملامح أبي سعيد في ضوء أفعاله؟ وما موقف الجاحظ منه؟

في ضوء أفعال أبي سعيد كما وردت في نص “الكساحة” من البخلاء، تتضح ملامحه النفسية والاجتماعية والفكرية بجلاء، ويُبرز الجاحظ موقفه منه بأسلوب تهكمي ذكي:

ملامح أبي سعيد:

1. البخل المنهجي

لا يكتفي بالبخل كعادة، بل يُحوّله إلى نظام اقتصادي دقيق، حيث تُفرز الكساحة وتُباع مكوناتها حسب نوعها (السطر 6–13).

2. الدهاء والاستغلال

يُوظّف حتى ماء الوضوء والغسل لصنع اللبن (السطر 14–15)، ويقترح خطة لاسترجاع المسروق عبر التراب، ثم يأخذ أجرًا على ذلك (السطر 16–19).

3. الصرامة والرقابة

يأمر الخادم بجمع الكساحة من بيوت الجيران، ويُشرف بنفسه على الفرز، مما يُظهر شخصية متحكمة لا تترك شيئًا للصدفة (السطر 1–5).

4. المنطقية المفرطة

كل فعل لديه مبرر اقتصادي، حتى في أكثر الأمور خصوصية، مما يُظهر عقلًا يُغلّب المنفعة على الشعور أو الذوق.

موقف الجاحظ منه:

● سخرية غير مباشرة

الجاحظ لا يهاجم أبا سعيد صراحة، بل يُقدّمه بأسلوب جاد، مما يُنتج مفارقة ساخرة تُضحك القارئ وتُدين البخل ضمنيًا.

تصوير البخل كفن عبثي

من خلال التفاصيل الدقيقة والتكرار البنائي، يُظهر الجاحظ كيف يتحول البخل إلى عبث منظم، يُضحك ويُثير التأمل.

نقد اجتماعي ضمني

الجاحظ يُلمّح إلى أن هذا النوع من البخل يُشوّه الفطرة الإنسانية، ويُحوّل الحياة إلى حسابات مادية ضيقة.

بعبارة موجزة: أبو سعيد هو نموذج للبخيل العقلاني المتطرف، والجاحظ يُقدّمه بسخرية فنية تُدين البخل دون مباشرة، عبر تصويره كمنهج حياة يُثير الضحك والدهشة.

لنفكر معا

اعتبر أبو سعيد في آخر النص سلوكه ” اقتصاداً إذ قال: من لم يتعرف الاقتصاد

 تعرفي فلا يتعرض له بين ذلك بالرجوع إلى التحولات الاجتماعية في عصره

استعن بالتوسعة).

اعتبار أبي سعيد لسلوكه “اقتصادًا” في قوله: “من لم يتعرف الاقتصاد تعرفي فلا يتعرض له” (السطر 15) يكشف عن رؤية ذاتية للبخل بوصفه عقلانية اقتصادية، لا مجرد حرص أو شح. لفهم هذا الموقف، يجب ربطه بـ التحولات الاجتماعية في عصر الجاحظ، خاصة في القرن الثالث الهجري، زمن العباسيين.

التحولات الاجتماعية في عصر الجاحظ:

  1. اتساع المدن وتنوع الطبقات مع نمو بغداد والبصرة، ظهرت طبقات اجتماعية جديدة: التجار، الموظفون، العلماء، والعمال. هذا التنوع خلق تفاوتًا في الإنفاق، وبرزت الحاجة إلى ضبط الموارد.
  2. صعود العقلانية والجدل حول القيم كان العصر العباسي زمنًا للفكر العقلاني، حيث ناقش المعتزلة وغيرهم مفاهيم مثل العدل، الحرية، والمنفعة. في هذا السياق، يُمكن أن يُقدَّم البخل كـ”اقتصاد عقلاني” يُعارض التبذير.
  3. الاضطرابات الاقتصادية والسياسية كثرة الحروب، وتقلّب السلطة، وارتفاع الضرائب دفعت الناس إلى الحذر في الإنفاق، مما جعل “الاقتصاد” فضيلة عند البعض، وإن بالغوا فيه.

التوسعة في فهم عبارة أبي سعيد:

عبارة أبي سعيد ليست دفاعًا عن البخل فحسب، بل تعبير عن فلسفة ذاتية ترى في كل فعل مادي قيمة اقتصادية. فاستعمال ماء الوضوء، وفرز الكساحة، واسترجاع المسروق عبر التراب، كلها تُقدَّم كأمثلة على “الاقتصاد الذكي”.

في ضوء التحولات الاجتماعية، يُمكن فهم سلوك أبي سعيد كاستجابة متطرفة لواقع اقتصادي مضطرب، حيث يتحول البخل إلى استراتيجية بقاء، ويُعاد تعريف “الاقتصاد” ليشمل حتى النفايات.

التحليل

نص “الكساحة” من كتاب البخلاء للجاحظ يُعد نموذجًا فنيًا وساخرًا لتصوير البخل كمنهج حياة عقلاني، لا مجرد صفة شخصية. إليك تحليلًا مختصرًا ومعمقًا:

أولًا: الفكرة العامة

النص يُصور شخصية “أبي سعيد” الذي يُحوّل النفايات المنزلية (الكساحة) إلى مصدر دخل، عبر نظام دقيق للفرز والاستغلال، ويعتبر ذلك “اقتصادًا” لا بخلًا.

ثانيًا: البناء الفني

التسلسل السردي المنظم

  • يبدأ النص بأمر أبي سعيد بجمع الكساحة من الجيران (سطر 1–2).
  • ثم يُفصّل عملية الفرز والبيع (سطر 6–13).
  • يتدرج إلى استغلال ماء الوضوء لصنع اللبن (سطر 14–15).
  • ويبلغ الذروة في استرجاع المسروق عبر التراب (سطر 16–19).
  • يُختتم بتوثيق ساخر: “فهذا حديث أبي سعيد” (سطر 20).

● التكرار البنائي

  • عبارة “وما كان من…” تتكرر لتُضفي إيقاعًا ساخرًا وتُبرز دقة التصنيف.

المفارقة الفنية

  • يُقدَّم البخل بأسلوب جاد، مما يُنتج مفارقة بين جدية اللغة وسخرية المضمون.

ثالثًا: ملامح أبي سعيد

  • بخيل عقلاني: يُعامل الكساحة ككنز، ويُصنّفها بدقة.
  • متحكم وعملي: يُشرف بنفسه على الفرز، ويُوظّف كل شيء.
  • ساخر من الآخرين: يعتبر سلوكه “اقتصادًا”، ويُدين من لا يفهمه.

رابعًا: البعد الاجتماعي

في ضوء التحولات العباسية:

  • يُعبّر النص عن عقلية اقتصادية ظهرت مع اتساع المدن وتنوع الطبقات.
  • يُقدَّم البخل كاستجابة للاضطرابات الاقتصادية، لكن بشكل متطرف.
  • عبارة “من لم يتعرف الاقتصاد تعرفي…” تُظهر كيف يُعاد تعريف القيم في سياق اجتماعي متغير.

خلاصة

نص “الكساحة” متماسك فنيًا ومضمونيًا، يُقدّم البخل كفنٍّ عبثي، ويُوظّف السخرية والمفارقة والتكرار ليُضحك القارئ ويُثير تأمله في حدود العقلانية الاقتصادية. الجاحظ لا يُدين مباشرة، بل يُترك السلوك يتكلم عن نفسه.

Comments are closed.