Press "Enter" to skip to content

شرح نص لوحة غرنيكا – محور صور ونصوص – 3 ثانوي شعب علمية

شرح نص لوحة غرنيكا محور صور ونصوص 3 ثانوي شعب علمية
تحليل شرح نصوص ثالثة ثانوي يندرج ضمن المحور الثاني
من كتاب النصوص علامات مع الاجابة على الاسئلة لغة عربية تحضير وتحليل
نص لوحة غرنيكا لشاكر عبد الحميد وبيكاسو

شرح نص لوحة غرنيكا لشاكر عبد الحميد وبيكاسو من كتاب النصوص علامات يندرج
ضمن المحور الثاني سنة ثالثة ثانوي تعليم تونس


التقديــــــــــــــــــــــــــم
غرنيكا تعرض مأساة الحرب والمعاناة التي تسببها للأفراد، وقد صارت معلماً
أثرياً، لتصبح مذكراً دائماً بمآسي الحروب، إضافة لاعتبارها رمزا مضاداً للحرب
وتجسيداً للسلام. بعد الانتهاء منها طافت اللوحة في جولة عالمية موجزة العالم
لتصبح من اللوحات الأكثر شهرة كما أن جولتها تلك ساهمت في لفت أنظار العالم
للحرب الأهلية الإسبانية


اللوحة تمت بأسلوب التصوير الزيتي تتكون من الألوان الأزرق الداكن، الأسود
والأبيض بطول يبلغ 3.5 أمتار وعرض يبلغ 7.8 أمتار. وهي معروضة في
متحف مركز الملكة صوفيا الوطني للفنون “Museo Nacional Centro de
Arte Regina Sofia” في مدريد

قراءة في لوحة غرنكا
خلّد الفنان الاسباني بابلو بيكاسو في لوحته الشّهيرة “غرنكا” بلدة صغيرة باسكية
هادئة دفعتها ظروف الحرب الأهلية والحكم الفاشي الاسباني إلى الدخول في
مواجهة ومقاومة باسلة، غير أنها لم تكن قادرة على مصارعة السماء، تلك البلدة
الصغيرة ربما لم يكن العالم يعرف أين موقعها على الخارطة
في تلك الفترة ولا حتى الآن


ولكن الكارثة والمجزرة المهولة فتحت أذهان العالم كله على مدى وحشية النازية
الألمانية التي هرعت مسرعة إلى مساعدة حليفتها الفاشية الاسبانية في عهد
فرانكو. فهل اهتز بيكاسو لتلك البلدة وكاد يبكى أم انه اختزن حزنه العميق
ومشاعره وانفعالاته بقوة لكي يعكسها في تلك الخطوط البيضاء والألوان الرمادية،
نعم لم تستحق اللوحة غير ذلك اللونين .
ولكنها أبرزت العنف والوحشية للغزاة إزاء أبرياء من النساء والأطفال والشيوخ،
وهم يتطلعون بعيونهم لتلك الوحشية، فماذا فعل بيكاسو وهو يهز مشاعر العالم في
تلك اللوحة لتصبح لوحة عالمية خالدة تطارد الضمير العالمي وهو يقف حائرا
ومتسائلا، وفي ذات الوقت يكتم غضبه واحتجاجه على تلك المجزرة الكبرى؟
إنها صرخة الاستغاثة والاستجداء نحو سماء ووحشية لا ترحم لأم تحتضن وليدها
من تستوقفه اللوحة أو يقف أمامها حائرا يشعر من أول لحظة بمدى الحزن
والانفعال الداخلي والقوة والعنف النافر، ليس في ذلك الخنجر المغروس في عنق
الحصان ولا في قلب الإنسان وهو يواجه عنفا متعددا، وفي قرون الثور المتوثب
ذلك الرمز الدائم للعنف والدم والموت في ثقافة اسبانيا» لتلك الأفواه المفتوحة
وهي تصرخ بقوة في عالم محاط بالسوداوية والرماد القادم من القنابل والقذائف
والرصاص بحيث لم ترحم أحدا في مشروع فاشي خفي
لإبادة البلدة برمتها وإحالتها إلى ركام
كل الوجوه نحو السماء في نفق ارضي تنبعث منه الإضاءة الباهتة كحياة يومية، إذ
يخاف الناس الخروج إلى الشارع، الجميع في اللوحة يصرخ ويبكي في لحظة
الموت الأخيرة، في تلك الأيادي المفتوحة للسماء الأيادي المستجدية بالاستغاثة
المستحيلة في عالم الحرب والموت والوحشية. كل شيء لحظتها في اللوحة يبعث
على اليأس والخوف والعنف والدم والقتل وكل رموز الوحشية. فماذا تبقى لنا من
تلك الخطوط الكئيبة التي في عمقها تمنحنا سرا بقوتها الإنسانية حتى في لحظة
أخيرة من وداع بلدة بكاملها من الخارطة.
شيء واحد تركه لنا بيكاسو وظل مثار نقاش لدى النقاد الأسبان والعالميين وحاروا
حوله. ما الذي كان يرمز إليه الفنان في تلك النافذة في زاوية اللوحة العليا من
اليمين، بقعة يدخل منها الضوء في عالم معتم يختبئ متحاشيا الموت، إذ يبحث
الجميع عن المخابئ اليائسة فلا شيء إلا التشبث بالبقاء في لحظة
صراع بين الحياة والموت
الجميع وجد في تلك النافذة التعبير المتبقي عن الأمل المفتوح والضوء القادم من
هناك، حتى وان عاشت جرنيكا ساعات الرعب، فمن تحت الرماد والركام تولد
الحياة. لم تكن غزة في أيامها السوداء بالأدخنة الفسفورية البيضاء إلا جرنيكا
عالمية معاصرة تنهض من قبرها المتوحش بعد عقود من نسيان العالم المأساة
الاسبانية، وكأن الحياة تستعيد كوارثها ومآسيها دون توقف «تنتزعنا من سعادتنا
العابرة، سعادتنا المتطلعة للسلام والطمأنينة والأمان
ولكن من أين يأتي ذلك الأمان وورثة القتل مازالوا أحياء يتناسلون من ثدي الموت
لذة متناهية، حتى وان استغاث الأطفال والنساء والمدنيون الأبرياء بهم في لحظة
عجزهم عن المواجهة، فليس العزل من السلاح قادرين على القتل ولكن كل ما
يملكونه في تلك اللحظة هو استغاثة الغضب والنداء لسماء
رمادية ولعالم ما زال ضميره حيا
ربما تبدو هذه اللحظة لمن لا يفهم عمق الحياة وأبعادها وشفافية الكون أن ريشة
الفنان ليست مهمة كسيارة إسعاف ولا حتى إبرة طبيب أو قطعة خبز ولحاف، تبدو
الإجابة بنعم من حيث اللحظة ولكن القيمة العظمى هي التي تجعلنا أحياء على قيد
الحياة دائما، ففي رؤى الفنان للحياة ديمومة أطول وحياة أبعد من لحظة الخبز
والدواء، فما يبقى في الذاكرة حاضرا ولأجيال عديدة هو ذلك
العمل الفني الخالد الذي يفضح الوحشية