شرح نص فضل العلم في التاريخ محور في التفكير العلمي لـ ابن خلدون تحليل شرح نصوص باكالوريا رابعة ثانوي تحضير نص فضل علم التاريخ 4 ثانوي مع الاجابة على جميع الأسئلة حجج ,موسوعة تعليمي علمي العلم التعليم العلوم علم تعليم شرح نص فضل علم التاريخ ابن خلدون من كتاب النصوص رُؤَى شعب علمية يندرج ضمن المحور الاول سنة رابعة ثانوي باكالوريا تعليم تونس
نص فضل علم التاريخ مع الشرح والتحليل والاجابة عن الاسئلة
تقديم النص:
يندرج نص “فضل علم التاريخ” لابن خلدون ضمن مقدمة كتابه، ويُعدّ تأسيسًا فكريًا لمنهج علمي جديد في دراسة التاريخ. يعرض فيه مكانة هذا الفن، وينتقد الاعتماد على النقل المجرد، داعيًا إلى التفسير العقلي والاجتماعي للأحداث. ويختم بتأكيد أن تغير الأحوال سنة إلهية، مما يربط بين الفكر الديني والتحليل العلمي.
الموضوع:
يُبيّن ابن خلدون في نصه فضل علم التاريخ بوصفه علمًا تحليليًا يكشف سنن التغير في المجتمعات ويؤسس لمنهج نقدي عقلاني في فهم الوقائع والأخبار.
التقسيم:
يقوم نص ابن خلدون على ثلاث محاور متكاملة:
- عرض السائد (السطور 1–3): يُبيّن مكانة علم التاريخ التقليدي في معرفة أحوال الأمم والأنبياء والملوك.
- نقد السائد (السطور 4–9): ينتقد الاكتفاء بالنقل المجرد دون تمحيص عقلي واجتماعي، محذرًا من الزلل والمغالطات.
- تأسيس مفهوم علمي جديد (السطور 10–21): يدعو إلى منهج تحليلي قائم على قواعد السياسة والعمران، ويختم بربط التغير بسنة إلهية في الخلق.
الفهم والتحليل
1 – قام النص على محاور ثلاثة عرض السائد، ونقده، وتأسيس مفهوم علمي جديد للتاريخ، بين ذلك.
المحور الأول: عرض السائد
ابن خلدون يبدأ بتبيان مكانة علم التاريخ في الثقافة، ويصفه بأنه “فن عزيز المذهب، جمّ الفوائد، شريف الغاية”، ويُظهر كيف يُستخدم في معرفة أحوال الأمم والأنبياء والملوك، أي أنه يُعرض كعلم يُعنى بسرد الأخبار والوقائع.
المحور الثاني: نقد السائد
ينتقل ابن خلدون إلى نقد المنهج التقليدي في كتابة التاريخ، فيُحذر من الاعتماد على “مجرد النقل” دون تمحيص، ويُشير إلى أن ذلك يؤدي إلى “المزلات والمغالط”. كما ينتقد غفلة المؤرخين عن “تبدل الأحوال في الأمم والأجيال”، ويصف هذا الخطأ بأنه “داء دوي شديد الخفاء”.
المحور الثالث: تأسيس مفهوم علمي جديد
يؤسس ابن خلدون لرؤية جديدة للتاريخ تقوم على:
- ضرورة التثبت وحسن النظر.
- توظيف قواعد السياسة، والعمران، والاجتماع الإنساني.
- فهم السنن الكونية في تغير الأحوال.
- عرض الأخبار على القواعد العقلية للتحقق من صدقها.
ويُحوّل بذلك التاريخ من مجرد سرد إلى علم تحليلي قائم على منهج نقدي وفلسفي.
2 – ما هي الشروط العلمية التي يتوجب على المؤرخ الاتصاف بها في نظر ابن خلدون؟
في نظر ابن خلدون، المؤرخ الحق لا يكتفي بجمع الأخبار، بل يجب أن يتصف بالشروط العلمية التالية:
- التثبت وحسن النظر: ليتجنب الزلل والمغالطات، ويصل إلى الحق.
- فهم قواعد السياسة والعمران: لفحص الأخبار على ضوء السنن الاجتماعية والاقتصادية.
- الإحاطة باختلاف الأمم والأعصار: لفهم تغير الأخلاق والعادات والمذاهب عبر الزمن.
- القدرة على المقارنة والتعليل: لتمييز الوفاق والخلاف بين الحاضر والغائب، وتفسير الظواهر.
- التحقق العقلي من الأخبار: بعرضها على الأصول، فإن وافقتها قُبلت، وإن خالفتها رُفضت.
3- لا يخلو النص من نزعة تعليمية (تفسيرية) وظف الكاتب لتحقيقها تراكيب وأساليب متنوعة منها الحصر، اذكر ما تجده منها في هذا النص.
تراكيب الحصر في النص:
- “إذ هو يوقفنا على…” ثم يعدد: أحوال الماضين من الأمم، الأنبياء في سيرهم، الملوك في دولهم وسياستهم → أسلوب حصر عبر التعداد لتحديد وظائف علم التاريخ.
- “لأن الأخبار إذا اعتمد فيها مجرد النقل ولم تُحكم…” ثم يعدد: أصول العادة، قواعد السياسة، طبيعة العمران، الأحوال في الاجتماع الإنساني → حصر الشروط التي يجب أن تُراعى في تحليل الأخبار.
- “يحتاج صاحب هذا الفن إلى…” ثم يعدد: العلم بقواعد السياسة، طبائع الموجودات، اختلاف الأمم والبقاع والأعصار… → حصر دقيق لمتطلبات المؤرخ العلمي.
- “فلا يكاد يتفطن إليه إلا الآحاد من الخليقة” → أسلوب قصر باستخدام “إلا”، لحصر الفطنة في القلة النادرة.
- “إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال” → استخدام “إنما” للحصر، لتأكيد أن التغير هو جوهر التاريخ.
التفكير وابداء الرأي
يرى ابن خلدون أن علم التاريخ يحتاج صاحبه إلى معارف شتى ودراية محيطة. وضح ما في هذا القول من وجاهة تضمن علمية نتائجه.
قول ابن خلدون وجيه وعميق؛ لأنه يُحوّل علم التاريخ من مجرد سرد للأخبار إلى علم تحليلي قائم على منهج نقدي. فاشتراطه على المؤرخ أن يمتلك معارف متعددة—في السياسة، الاجتماع، طبائع العمران، اختلاف الأمم والأعصار—يُضفي على عمله طابعًا علميًا يُمكّنه من:
- التحقق من الأخبار عبر عرضها على قواعد عقلية واجتماعية.
- تفسير الظواهر التاريخية لا مجرد نقلها، مما يُنتج فهمًا أعمق للأحداث.
- تمييز الصدق من الزيف من خلال المقارنة بين الحاضر والغائب، والشاهد والمروي.
بهذا، تصبح نتائج المؤرخ ليست مجرد روايات، بل تحليلات علمية تستند إلى فهم شامل للواقع الإنساني وسننه المتغيرة.
انتاج كتابي
ختم ابن خلدون فكرته عن تحوّل الحضارات وتبدلها بحجة من القرآن ترد التحوّل إلى سنة الله في الخلق حرر فقرة من خمسة عشر سطرا تفسر فيها مدى انسجام هذا الموقف مع الطرح العلمي الذي حاول أن يؤسس عليه منهجه في دراسة التاريخ.
يرتبط ختم ابن خلدون لفكرته عن تحوّل الحضارات وتبدّلها بالاستشهاد بالقرآن الكريم: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾، وهو توظيف دقيق يعكس عمق انسجام رؤيته الدينية مع طرحه العلمي. فابن خلدون لا يكتفي بوصف الظواهر التاريخية، بل يسعى إلى تفسيرها وفق منطق السنن الكونية، حيث يرى أن تغير أحوال الأمم والدول ليس عشوائيًا، بل خاضع لقوانين اجتماعية وعمرانية ثابتة. هذا الموقف يُضفي على منهجه طابعًا علميًا؛ إذ يُحوّل التاريخ من سرد للأخبار إلى علم يبحث في الأسباب والدوافع، ويُقارن بين الحاضر والماضي، ويُفسّر التغيرات وفق قواعد السياسة والعمران والاجتماع الإنساني. فالاستشهاد بالآية لا يُستخدم لتبرير الغيب، بل لتأكيد أن التحوّل سنة كونية قابلة للرصد والتحليل، مما يُعزز من مشروعية منهجه ويمنحه بعدًا فلسفيًا وتربويًا. بهذا، يُدمج ابن خلدون بين العقل والنقل، ويُؤسس علمًا للتاريخ قائمًا على التفسير لا التلقين، وعلى الفهم لا الحفظ، في انسجام تام بين الإيمان بالقانون الإلهي والبحث في القانون الاجتماعي.
تحليل نص فضل علم التاريخ لابن خلدون
تحليل نص “فضل علم التاريخ” لابن خلدون يكشف عن بنية فكرية دقيقة، ومنهج نقدي تأسيسي، يُحوّل التاريخ من سرد للأخبار إلى علم اجتماعي تحليلي. إليك تحليلًا مختصرًا ومعمقًا وفق محاور بنائية ودلالية:
أولًا: البنية الفكرية للنص
المحور | المضمون |
عرض السائد | يُقدّم التاريخ كفن شريف، يُطلعنا على أحوال الأمم والأنبياء والملوك، ويُظهر وظيفته التعليمية والتوثيقية. |
نقد السائد | ينتقد الاعتماد على النقل المجرد، ويُحذر من الزلل والمغالطات الناتجة عن غياب التمحيص العقلي والاجتماعي. |
تأسيس علم جديد | يدعو إلى تأسيس علم للتاريخ قائم على قواعد السياسة، والعمران، والاجتماع، والمقارنة بين الحاضر والغائب. |
ثانيًا: الشروط العلمية للمؤرخ
- التثبت وحسن النظر.
- الإحاطة بقواعد السياسة والاجتماع.
- فهم طبائع العمران وتبدل الأحوال.
- القدرة على المقارنة والتعليل.
- عرض الأخبار على الأصول العقلية للتحقق من صدقها.
هذه الشروط تُضفي على المؤرخ طابعًا نقديًا وتحليليًا، وتُبعده عن السذاجة النقلية.
ثالثًا: النزعة التعليمية في النص
ابن خلدون يُعلّم القارئ كيف يفكر تاريخيًا، ويُوظّف أساليب لغوية لتحقيق ذلك، منها:
- الحصر: مثل “إنما هو اختلاف على الأيام”، و”لا يكاد يتفطن إليه إلا الآحاد”.
- التعداد المنهجي: في ذكر شروط المؤرخ، ومجالات المعرفة المطلوبة.
- الاستشهاد القرآني: ختم النص بآية قرآنية تؤكد أن التغير سنة إلهية، مما يُضفي شرعية دينية على الطرح العلمي.
رابعًا: الانسجام بين الدين والعلم
ختم النص بالآية: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾، يُظهر انسجامًا بين الرؤية الدينية والطرح العلمي؛ فالتغير في أحوال الأمم ليس عبثًا، بل خاضع لسنن يمكن رصدها وتحليلها، مما يُؤسس لعلم تاريخ عقلاني، تفسيري، متكامل.
من هو ابن خلدون؟
ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي (1332–1406م)، مؤرخ وفيلسوف وعالم اجتماع عربي من القرن الرابع عشر، يُعدّ من أبرز المفكرين في الحضارة الإسلامية ومن أوائل من وضعوا أسس علم الاجتماع والتاريخ النقدي.
أبرز ملامح شخصيته وفكره:
- المولد والنشأة: وُلد في تونس لعائلة أندلسية عريقة في العلم والسياسة.
- الوظائف: تقلّد مناصب سياسية وقضائية في المغرب والأندلس ومصر، وكان قاضيًا مالكيًا في القاهرة.
- أشهر مؤلفاته: المقدمة، وهي التمهيد لكتابه كتاب العبر، وتُعدّ من أعظم ما كُتب في الفكر العربي، حيث أسّس فيها منهجًا علميًا لدراسة التاريخ والعمران البشري.
- منهجه العلمي: دعا إلى تجاوز النقل المجرد، وربط الأحداث التاريخية بقوانين الاجتماع والسياسة والاقتصاد، مما جعله رائدًا في تأسيس علم الاجتماع قبل أوغست كونت بقرون.
ابن خلدون لم يكن مجرد مؤرخ، بل مفكر موسوعي جمع بين الفقه، والفلسفة، والسياسة، والاقتصاد، والتربية، وترك أثرًا عميقًا في الفكر الإنساني.
Comments are closed.